أعشق الرياضة وأدعي فهما بها حد التفاصيل ومع هذا أنا لا أكتب اليوم لا عن الزعيم ولا عن التحكيم ولا عن تحليل عابر لمسرحية كرة. القضية، أيها السادة أن كرة القدم وبالتحديد لثلثي الشعب من الشباب المتابعين لم تعد مجرد لعبة نتسلى بها بالقدر الذي أصبحت فيه نمط حياة وعشقاً وقضية.
خلال خمسة أيام عرضت هنا مسرحية ـ الزعيم ـ مرتين، وبداخل ملعبين لكرة القدم وفي أطراف أكبر مدينتين. خلال خمسة أيام فقط أهدى قضاة الملاعب للزعيم ثلاثة أهداف وسحبوا من شباكه ثلاثة أخرى. توجوه زعيماً وهو الذي يستحق ووضع القضاة في رصيده ست نقاط سحبت على الهواء مباشرة من خصومه وأمام كل الملايين.
وخلال خمسة أيام فقط تسبب هؤلاء القضاة في الملاعب في حالتي احتقان جماهيري للملايين من قطاع الشباب في بلد لا يوجد به شيء من بواعث اللهو البريء ولا من مجال للنفس والتنفيس إلا هذه الكرة. فجأة يكتشفون أن الأمر كله مجرد لعبة مدبرة وأنهم يذهبون للملاعب والميادين مجرد ـ كومبارس ـ أو ـ شهود لم يروا شيئاً ـ فيما قيم القانون والتنافس محسومة في الأصل من تحت الطاولة. هنا يصعب على الجميع أن يقنع هذه الآلاف من الشباب بأن يبتعدوا عن الاحتقان وأن يواجهوا الموقف بروح رياضية طالما هم، وأمام الملأ على الهواء، يعرفون أن الرياضة التي تعلقوا بها صارت بلا روح. خلال خمسة أيام، وصل الحال بنا، أن نكون أمام العالم على الشاشة بجمهور ينزل الميدان ويرمي بالطوب في ملعب، وفي الملعب الآخر، يكوِّم أشمغته ثم يحرق المدرج بالنار. قبل أن تحاول إقناعهم بأنهم ليسوا على حق في كل هذه التصرفات، أقنعهم بأن القانون العادل بين الجميع هو الحق. قبل أن تطلب منهم الانضباط أوقف المسرحية الهزلية. قبل أن تقنعهم بأن الرياضة بطولة شرفية للتنافس الشريف، أقنعهم بأن البطولة بالعرق والقانون في الميدان، لا بالاختيار المحسوم قبل أن تبدأ البطولة، أعيدوا إلى هذه الملايين من قطاع الشباب بطولتهم بشرف وقانون وانضباط وإلا فأقفلوا في وجوههم هذه الميادين: أعيدوهم إلى ملاعب الحواري وأقفلوا الرياضة.لنخجل على أنفسنا من مظاهر الحريق والشغب ومن التقاذف بالطوب وما هو دون الطوب. افهموا أن الرياضة لم تعد مجرد لعبة للتسلية لا بأس فيها من المزح الثقيل وهدايا ما تحت الطاولة. الرياضة اليوم احتراف وانتماء واقتصاد ووظائف وإذا لم تقم هذه الأعمدة على قواعد نظيفة وضمائر سليمة فإن النار الموقدة بخجل قد تتحول إلى ما هو أكبر. علموهم شرف الفوز من القاعدة قبل أن تهزموهم من القمة.
د.علي سعد الموسى
السبت، 31 أكتوبر 2009
أنقذوها أو أقفلوها
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق